خالد النجار المدير العام للموقع
العمل/الترفيه : معلم أول - أ الموقع : مصر أم الدنيا تاريخ التسجيل : 23/07/2009 عدد المساهمات : 1380 نقاط : 7082 العمر : 53
| موضوع: السيدة ( سودة بنت زمعة ) المهاجرةُ أرملةُ المهاجر الأحد نوفمبر 21, 2010 10:33 pm | |
| ( سودة بنت زمعة ) المهاجرةُ أرملةُ المهاجر
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفي زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه بن زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
فلما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشي عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يرحمها وينجدها من عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة بنت حكيم -رضي اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- قد ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره.
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة: وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك. فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّيْتُه بتحية أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي، وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة بنة زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي. ولما جاءت قال: أي سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته خولة، فجاء فزوَّجه. أحمد (26517 ) وهو حسن
وفى رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها، فقالت: أمري إليك، فقال لها مُري رجلا من قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة) فزوجها. الطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 / ص 53
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم :، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات.
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفاني في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وابنته أم كلثوم وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما رآها تمشي ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشي أمامه كي تضحكه، وتُدخل السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ما تظن أنه يضحكه.
وكانت السيدة سودة -رضي اللَّه عنها- تحبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حبَّا شديدًا، وكانت تسعى إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست بعجزها عن الوفاء بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم ، أرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه ويرفع مكانتها عنده... فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم :، وحتى لا تشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا بِي حِرْصُ الأَزْوَاجِ ، ولَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَبْعَثَنِي اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَوْجًا لَكَ. مصنف عبد الرزاق (10659) بلاغا
وتفرغت للعبادة والصلاة.
وعَنْ سَوْدَةَ بنتِ زَمْعَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا مَشَى صَلَّى لَنَا عُثْمَانُ بن مَظْعُونٍ حَتَّى يَأْتِينَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَوْ تَعْلَمِينَ عَلِمَ الْمَوْتِ يَا ابْنَةَ زَمْعَةَ عَلِمْتِ أَنَّهُ أَشَدَّ مِمَّا تُقَدِّرِينَ. المعجم الكبير للطبراني 17 / 282 (19586 ) صحيح
وكانت السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها - تغبطها على عبادتها وحسن سيرتها، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَكُونَ فِى مِسْلاَخِهَا ( الجلد والمعنى أن أكون أنا هى ) مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ قَالَتْ فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِعَائِشَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِى مِنْكَ لِعَائِشَةَ.فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ.. مسلم (3702 )
ولما خرجت سودة -رضي الله عنها- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع! قال: "هذه الحجة، ثم ظهور الحُصْر" (أى الْزَمْنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها)(صحيح). فكانت - رضى الله عنها - تقول: حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم :. [ابن سعد] 8/208.
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء والمساكين.
وظلت كذلك حتى توفيت في آخر خلافة عمر فحضر جنازتها، وصلى عليها، ودفنت بالبقيع.
وكان للسيدة سودة نصيب من العلم والرواية، فقد روت -رضي الله عنها- أحاديثًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ - وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ - فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - احْجُبْ نِسَاءَكَ . فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى عِشَاءً ، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً ، فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ . حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ . البخارى (146)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَتْ فُلاَنَةُ. يَعْنِى الشَّاةَ فَقَالَ « فَلَوْلاَ أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا ». فَقَالَتْ نَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ) فَإِنَّكُمْ لاَ تَطْعَمُونَهُ إِنْ تَدْبُغُوهُ فَتَنْتَفِعُوا بِهِ ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا(جلدها) فَدَبَغَتْهُ فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قِرْبَةً حَتَّى تَخَرَّقَتْ عِنْدَهَا. مسند أحمد (3081) صحيح
وعَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ قَالَتْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ أَبِى شَيْخٌ كَبِيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ قَالَ « أَرَأَيْتَكَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ قُبِلَ مِنْكَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ -صلى الله عليه وسلم- « فَاللَّهُ أَرْحَمُ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ »مسند أحمد (28179) صحيح. | |
|